أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة للدكتور محمد حرز : حق الوطن ، بتاريخ 28 أكتوبر 2022م

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : حق الوطن ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 3 ربيع آخر 1444هـ ، الموافق 28 أكتوبر 2022م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 28 أكتوبر 2022م بصيغة word بعنوان : حق الوطن ، للدكتور محمد حرز.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 28 أكتوبر 2022م بصيغة pdf بعنوان : حق الوطن، للدكتور محمد حرز.

 

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 28 أكتوبر 2022م بعنوان : حق الوطن.

 

أولًا: المحافظة على الوطن واجب شرعي. 

ثانيًا: ستظل مصرُ فوقَ الجميعِ .              

ثالثــــًا: لا للفوضى والتخريب  .

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 28 أكتوبر 2022م  بعنوان : حق الوطن : كما يلي:

 

خطبةُ الجمعةِ القادمةِ: حق الوطن د.محمد حرز بتاريخ: 3 ربيع الآخر  1444هــ 28 أكتوبر 2022م

الحَمْدُ للهِ الذِي مَنَّ عَلَينَا بِوَطَنٍ مِنْ خِيرَةِ الأَوطَانِ، وَنشَرَ عَلَينا فِيهِ مَظَلَّةَ الأَمَانِ و الاستِقْرَارِ ، الحَمْدُ للهِ القائلِ في محكم التنزيل﴿ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِين﴾يوسف: 99وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ولي الصالحين وَأشهد أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصفُيه من خلقه وخليلُه،القائلُ((عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ الله) رواه الترمذي، فاللهمَّ صلِّ وسلمْ على مسكِ الختامِ، وخيرِ مَن صلَّى وصام، وتابَ وأنابَ، ووقفَ بالمشعرِ ،وطافَ بالبيتِ الحرامِ، ، وعلى آلهِ وصحبهِ الأعلامِ، مصابيحِ الظلامِ، خيرِ هذه الأمةِ على الدوامِ، وعلى التابعينَ لهم بإحسانٍ والتزام.

أمَّا بعدُفأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوىَ العزيزِ الغفارِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران :102).

ثم أما بعد عباد الله : ((حق الوطن(( عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا

 عناصر اللقاء :

أولًا: المحافظة على الوطن واجب شرعي. 

ثانيًا: ستظل مصرُ فوقَ الجميعِ .              

ثالثــــًا: لا للفوضى والتخريب  .

أيُّها السادةُما أحوجنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ إلي أنْ يكونَ حديثُنَا عن حقِ الوطنِ وخاصةً ووطنُنَا في حاجةٍ إلى سواعدِ الجميعِ في البناءِ والاستقرارِ والتنميةِ والتقدمِ والرقيِّ والازدهارِ كلُّ في مجالِهِ وتخصصهِ، وخاصةً وأنَّ مصرنَا الغاليةَ مستهدفةٌ مِن الداخلِ والخارجِ مِمَّن يريدونَ النيلَ منها ومِن أمنِهَا واستقرارِهَا؛ لتعمَّ الفوضَى والخرابُ والهلاكُ والدمارُ، ولا حولَ ولا قوةَ إِلّا باللهِ. وخاصةً والحديثُ عن الأوطانِ شيقٌ وممتعٌ وجميلٌ وسألُوا مَن تغربَ في بلادِ الغربةِ عن اشتياقهِ وحبهِ لوطنه .

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : حق الوطن

أولًا: المحافظة على الوطن واجب شرعي. 

أيُّها السادةُبداية لن نمل من الحديث عن وطننا لأننا من غيره لا قيمة ولا وزن لنا وحقُ الوطنِ والدفاعِ عنه دينٌ وإيمانٌ وإحسانٌ نقولها بملء الأفواه ،وكيف لا؟ وحبُّ الوطنِ من هدى النبيِ العدنانِ صلى اللهُ عليه وسلم والنبيين الأخيار، والدفاعُ عن الوطنِ مطلبٌ شرعيٌ، وواجبٌ وطنيٌ،ومَسْؤولـيَّةٌ ووَفَاءٌ تقعُ على عاتقِ الجميعِ ،والموتُ في سبيلِه عِزةٌ وكرامةٌ وشهامةٌ وشجاعةٌ ورجولةٌ وشهادةْ.وكيف لا؟والوطنُ وما أدراكَ ما الوطنُ ؟ الوطنُ عطرٌ يفوحُ شذَاهُ وعبيرٌ يسمُو في علاه، الوطنُ وما أدراكَ ما الوطنُ ؟ الوطنُ نِعْمَةٌ عظيمةٌ ومنةٌ كبيرةٌ مِنْ نعمِ اللهِ العَظِيمَةِ الَّتِي لا تُقَدَّرُ بِثَمَنٍ وَلا تُسَاوَمُ بِالأَمْوَالِ وَالأَرْوَاحِ، بَلْ تُبْـذَلُ الأَمْوَالُ لأَجْـلِهَا وَتُرْخَصُ الأَرْوَاحُ فِي سَبِيلِ وَحْدَتِهَا وَالدِّفَاعِ عَنْهَا. الوطنُ وما أدراكَ ما الوطنُ ؟ الوَطَنُ كَلِمَةٌ صَغِيرَةٌ فِي مَبْـنَاهَا، عَظِيمَةٌ فِي مَعْـنَاهَا، كَلِمَةٌ مَا إِنْ تُذْكَرُ حَتَّى تَتَحَرَّكَ لَهَا المَشَاعِرُ وَتَتَفَاعَلَ مَعَهَا الأَحَاسِيسُ، الوطنُ وما أدراكَ ما الوطنُ ؟ الوَطَنُ أغلَى ما يملكُ المرءُ بعدَ دينِه، وما مِن إنسانٍ إلَّا ويعتزُّ بوطنِه؛ لأنَّهُ نشأَ فيه وترعرعَ وتربَّى  وشبَّ على أرضهِ وعاشَ حياتَهُ وذكرياتهِ بحلوِهَا ومرِّهَا، الوطنُ وما أدراكَ ما الوطنُ؟ الوَطَنُ موطنُ الآباءِ والأجدادِ، ومأوَى الأبناءِ والأحفادِ، وهو مسقطُ الرأسِ، ومستقرُ الحياةِ، ومِن أجلِهِ نُضحِّي بكلِّ غالٍ ونفيسٍ، وسلُوا مَن تغربَ في بلادِ الغربةِ عن اشتياقِه وحبِّه لوطنِه  وكيف أنَّ الوطنَ حياةٌ ما بعدَهَا حياة ، والمحافظةُ على الوطنِ من الكلياتِ الستِ التي أمرنَا الإسلامُ بالمحافظةِ عليها. الوطنُ وما أدراكَ ما الوطنُ ؟ الوطنُ هو الأمنُ الأمانُ والاستقرارُ والطمائنينةُ، وهو رمزُ الكرامةِ والعزةِ وهو الكيانّ لكلِّ إنسانٍ، وهو الحضنُ الدافئُ الذي نلجأُ إليهِ في أيِّ وقتٍ وحينٍ، لذا حثَّنَا الدينُ على حبِّ الوطنِ والدفاعِ عنهُ ضدَّ الأعداءِ.

لذا لَمَّا كَانَتْ مَحَبَّةُ الوَطَنِ فِي النَّفْسِ عَظِيمَةٌ، وَكَانَ فِرَاقُهُ عَلَى القَلْبِ مُؤْلِمًا، نَجِدُ أَنَّ أَعَدَاءَ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ يُهَدِّدُونَ أَنْبِياءَهُمْ بِإِخْرَاجِهِمْ مِنْ أَوْطَانِهِمْ وَحِرْمَانِهِمْ مِنْ نِعْمَةِ الوَطَنِ، قَالَ تَعَالَى : ((وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ ))الأعراف 88، وهذاَذَا شُعَيْبٌ -عَلَيْهِ السَّلامُ- قَالَ لَهُ المَلأُ الَّذِينَ استَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ: (( لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ ))، وَهَذَا نَبِيُّ اللهِ لُوطٌ -عَلَيْهِ السَّلامُ- وَمَنْ مَعَهُ قَالَ عَنْهُمْ قَومُهُمْ)) أَخْرِجُوا آَلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ))الأعراف 82، وَقَدْ لاقَى سَيِّدُ أُولِي العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ هَذَا النَّوْعَ مِنَ الإِيذَاءِ البَلِيغِ، فَهَا هُوَ يَلْتَفِتُ إِلَى مَكَّةَ، وَطَنِهِ الحَبِيبِ إِلَى قَلْبِهِ، (( إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا )، قَائِلاً: ((مَا أَطْـيَبَكِ مِنْ بَلَدٍ وَأَحَبَّكِ إِلَيَّ، وَلَوْلا أَنَّ قَوْمَكِ أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ)) رواه الترمذي الله أكبر خاطبُ مكةً المكرمةَـ زادَها اللهُ تكريمًا وتشريفًا إلى يومِ الدينِـ مودعًا إياها  وهي وطنُه الذي أُخرجَ منه، بكلماتٍ تُؤلمُ القلبَ وتُبكي العينَ بدل الدموعِ دمًا، بكلماتٍ كلّهَا حنينٌ ومحبةٌ وألمٌ وحسرةٌ على الفراقِ،بكلماتٍ كلّهَا انتماءٌ وتضحيةٌ ووفاءٌ وتعلنُ السماءُ حالةَ الطوارئِ ليهبطَ أمينُ السماءِ جبريلُ عليهِ السلامُ بقرآنٍ يُتلى إلى يومِ الدينِ ليجففَ للبنيِّ العدنانِ صلَّى اللهُ عليه وسلم دموعَهُ, وليخففَ عنهُ آلامَهُ فقال جلَّ وعلا:(إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ))القصص: 85)، أي وبحقِّ القرآنِ ليأتي اليومُ ويردُك اللهُ إلى وطنِك و إلى مكةَ التي أخرجوكَ منها فاتحًا منتصرًا

وَيَتَجلَّى هَذَا الحُبُّ مِنْهُ -صلَّى اللهُ عليه وسلم- حِينَ جَلَسَ إِلى وَرَقةَ بنِ نَوفل ابنِ عَمِّ السَّيِّدَةِ خَدِيجَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْها- وَلَمْ يَلْتَفِت -صلَّى اللهُ عليه وسلم- كَثِيرًا إِلى مَا أَخْبَرَهُ بِهِ مِمَا سَيَتَعرَّضُ لَهُ فِي دَعْوَتِهِ مِنْ مِحَنٍ وَمصَاعِبَ مِنْ قَوْمِهِ، حَتَّى قَالَ لَهُ وَرَقَةُ:((وَلَيتَنِي أَكُونُ مَعَكَ إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ)) عِنْدَها قَالَ -صلَّى اللهُ عليه وسلم- : ((أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟!))، إِنَّهُ الوَطَنُ ياسادة سَكِينَةُ النَّفْسِ، وَرَاحَةُ البَالِ، وَمَجْمَعُ الأَحِبَّةِ، وَمُنْطَلَقُ البِنَاءِ؛ اسْـأَلُوا عَنْ نِعْمَةِ الوَطَنِ مَنْ فَقَدَهَا، وَانظُرُوا إِلَى قِيمَتِهَا فِي مِيزَانِ مَنْ حُرِمَهَا، تُدْرِكُوا حَقِيقَةَ النِّعْمَةِ، وَعَظِيمَ المِنَّةِفحبُّ الوطنِ من الإيمانِ والدفاعُ عن الوطنِ شرفٌ وعزةٌ وكرامةٌ وشهامةٌ وشهادةٌ في سبيلِ اللهِ.

بِلاَدِي هَوَاهَا فِي لِسَانِي وَفِي دَمِي ***يُمَجِّدُهَا قَلْبِي وَيَدْعُو لَهَا فَمِي

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : حق الوطن

ثانيًا: ستظل مصرُ فوقَ الجميعِ .              

أيها السادة : ما بَالكُم إذا كانَ الوطنُ هو مصرُ الغاليةُ صَخرةُ الإسلامِ العاتية. مصرُ التي نحبُّهَا ونعشقُهَا،إذا ذكرت مصر ذكرت الكعبة والبيت الحرام، فإن عمر -رضي الله عنه- أرسل إلى عامله في مصر أن يصنع كسوة للكعبة المشرفة، فصُنعت الكسوة في عهد عمر -رضي الله تعالى عنه- وظلت كسوة الكعبة تصنع هناك، ولم يتوقف ذلك إلا قبل قرابة المائة سنة.

إذا ذكرت مصر ذكرت الحجاج والمعتمرين، فإن البعثة الطبية المصرية كانت في الحج لسنوات طويلة هي أبرز ما ينفع الحجاج في علاجهم، يأتون من أقطار الدنيا لأجل أن يلتقوا بهذه البعثة المصرية.إذا ذكرت مصر ذكرت الدفاع عن فلسطين، وذكرت الجهاد والمجاهدين، فصلاح الدين أقام بمصر، وأبرز المعارك مع اليهود قادها مصريون وإذا ذكرت مصر ذكرت السادس من أكتوبر العاشر من رمضان معركة العبور .

إذا ذكرت مصر ذكرت أمَّنا هاجر زوجة إبراهيم -عليه السلام- وهي أم إسماعيل جدّ رسولنا -عليه الصلاة والسلام-، هي مصرية من القبط، ومارية القبطية زوجة رسولنا الكريم وأم ولده إبراهيم مصرية ، فإذا ذكرت مصر ذكرت أخوال رسولنا، وأصهار نبيناصلى الله عليه وسلم .

أيها السادة: ذكر الله -تعالى- مصر في القرآن، وبيّن الله -جل وعلا- اسمها صريحة في أربعة مواضع في كتابه تشريفًا لها وتكريمًا، فقال الله -جل وعلا-: ))وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ) [يوسف:21]، وقال -سبحانه-: ))ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ) [يوسف:99]، وقال -جل وعلا-: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا) [يونس:87]، وحكى -جل وعلا- قول فرعون: ((أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ) ((الزخرف:51].ليس هذا فقط؛ بل أشار الله -تعالى- إلى مصر ولم يصرّح باسمها في ثلاثين موضعًا من القرآن، كقوله -جل وعلا-: (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا) [القصص:15]، يعني مصر، وقوله -جل وعلا-: (وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ) [الأعراف:127]، يعنون مصر، إلى آخر هذه المواضع.

إن مصر -أيها الأخيار- هي الأرض الطيبة التي قال الله -تعالى- عنها لما طهرها الله من فرعون وقومه((كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ) ((الدخان:25-28.

إن مصر هي خزائن الأرض، بشهادة ربنا جل وعلا- لما قال عن يوسف -عليه السلام-: (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) [يوسف:55(

ولم يذكر الله -تعالى- قصة نهر في القرآن إلا نهر النيل، قال -جل وعلا-: ((وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ) ((القصص:7).

أنها مصر ياسادة :قال  عنها سيدنُا عمرو بن العاص رضي الله عنه وأرضاه ولايةَ مصر جامعةً تعدلُ الخلافةَ ,يعني: ولايةُ كلِّ بلادِ الإسلامِ في كفةٍ، وولايةُ مصرَ في كفةٍ.وقال الجاحظُ: إنّ أهلَ مصرَ يستغنون بما فيها من خيراتٍ عن كلِّ بلدٍ، حتى لو ضُرِبَ بينها وبين بلادِ الدنيا بسورٍ ما ضرَّها. اللهُ أكبروفي أرض مصر الربوة التي أوى إليها عيسى -عليه السلام- وأمه، قال -جل وعلا-: (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ) [المؤمنون:50.وعلى أرض مصر ضرب موسى بعصاه الحجر فانفجر الماء منه، وانشق البحر له، فكان كل فرق كالطود العظيم.

ولقد ضرب الله -تعالى- بأبطال مصر أمثلة في كتابه، فمن المصريين مؤمن آل فرعون البطل الثابت على الحق الذي قال الله -جل وعلا- عنه: (وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ) [غافر:28].

ومن المصريين الرجل المؤمن الذي حذّر موسى -عليه السلام من فرعون وجنوده-:))وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ) [القصص: 20

فمصرُ هي أمُّ البلادِ، وهي موطنُ المجاهدين والعُبادِ، قهرتْ قاهرتُها الأممَ، ووصلتْ بركاتُها إلى العربِ والعجمِ سكنَها الأنبياءُ والصحابةُ والعلماءُ.

مصرُ الكنانةُ ما هانتْ على أحدٍ*** اللهُ يحرسُها عطفًا ويرعَاها

ندعوكَ يارب أن تحمى مرابعَها *** فالشمسُ عينٌ لها والليلُ نجواهَا

مَن شاهَدَ الأرْضَ وأَقْطَارَها *** والنَّاسَ أنـواعًا وأجناسًا

ولا رأى مِصْـرَ ولا أهلها *** فما رأى الدنيا ولا الناسَ

أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم

الخطبة الثانية الحمد لله ولا حمد إلا له وبسم الله ولا يستعان إلا به وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ  …………………… وبعد

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : حق الوطن

ثالثــــًا: لا للفوضى والتخريب  .

أيها السادة: لا تسمعوا لهذه الدعوات المغرضة التي تريد النيل من مصرنا وأمنها والاستقرار لتعم الفوضى والخراب والدمار بالله عليكم ماذا جنت لنا ثورات الربيع العربي إلا كل خراب وخزي وعار ودمار أين سوريا الحرة ؟ وأين لبيبا الشقيقة ؟وأين وأين وحدث ولا حرج لكنني: أكررُهَا دائمًا وأبدًا حبُّ الوطنِ والتضحيةُ في سبيلهِ  ليستْ مجردَ كلماتٍ تُقالُ أو شعاراتٍ تُرفعُ، إنما هو سلوكٌ وتضحياتٌ وحقوقٌ تُؤدَى، الجنديٌّ بثباتِه وصبرِه وفدائِه وتضحيتِه، والشرطيُّ بسهرِه على أمنِ وطنِه، والفلاحُ والعاملُ والصانعُ بإتقانِ كلّ منهم لعملِه، والطبيبُ والمعلم ُوالمهندسُ بما يقدمُ كلُّ منهم في خدمةِ وطنِهِ، وهكذا في سائرِ الأعمالِ والمهنِ والصناعاتِ يجبُ على كُلٍّ منَّاأنْ يقدمَ ما يثبتُ بهِ أنَّ حبَّهُ للوطنِ ولاءٌ وعطاءٌ وانتماءٌ ليسَ مجردَ كلامٍ أو أماني أو أحلام

ومِن الواجبِ على الجميعِ  وَاجِب البِنَاءِ، وَبِنَاءُ الوَطَنِ امتِثَالٌ لِمُهِمَّةِ الاستِخْلاَفِ فِي الأَرْضِ وإِعْمَارِهَا، قَالَ تَعَالَى((هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا))، وَقَالَ ربنا((وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ)) ، فَكُلُّ امْرِئٍ مِنَّا فِي مَوقعه مُستَخْلَف وَمُطَالَب بِالبِنَاء عَلَى قَدْرِ  وسعِهِ وقُدُرَاتِه

وحبُّ الوطنِ والتضحيةُ في سبيلهِ تظهرُ في احترامِ أنظمتِهِ وقوانينِهِ، وفي التشبثِ بكلِّ ما يؤدِّي إلى وحدتهِ وقوتهِ، حبُّ الوطنِ يظهرُ في المحافظةِ على منشآتهِ ومنجزاتهِ، وفي الاهتمامِ بنظافتهِ وجمالهِ، حبُّ الوطنِ يظهرُ في دعمِ منتجاتهِ الصناعيةِ والزراعيةِ والتجاريةِ حبُّ الوطنِ يظهرُ في إخلاصِ العاملِ في مصنعهِ، والموظفِ في إدارتهِ، والمعلمِ في مدرستهِ،حبُّ الوطنِ يظهرُ في المحافظةِ على أموالهِ وثرواتهِ، حبُّ الوطنِ يظهرُ في المحافظةِ على أمنهِ واستقرارهِ والدفاعِ عنه، حبُّ الوطنِ يظهرُ بنشرِ القيمِ والأخلاقِ الفاضلةِ ونشرِ روحِ التسامحِ والمحبةِ والأخوةِ بين الجميعِ، وأنْ نحققَ مبدأَ الأخوةِ الإيمانيةِ في نفوسِنا، وأنْ ننبذَ أسبابِ الفرقةِ والخلافِ والتمزقِ، وأنْ نقيمَ شرعَ اللهِ في واقعِ حياتِنا وسلوكِنا ومعاملاتِنا، ففيه الضمانُ لحياةٍ سعيدةٍ وآخرةٍ طيبةٍ؛ وصدق النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  إذ يقولُ كما في صحيحِ مسلمٍ من حديث النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى(

فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ، وَكُونُوا لِوَطَنِكُمْ هَذَا خَيْرَ بُنَاةٍ، وَلِمُقَوِّمَاتِهِ وَأُسُسِهِ حُمَاةً، رَاعُوا نُظُمَهُ وَقِيَمَهُ، وَأَوْفُوا بِجَمِيعِ حُقُوقِهِ.وقِفُوا صَفًّا واحِدًا فِي وَجْهِ كُلِّ مُرْجِفٍ، وَتَنَبَّهُوا لِسَعْيِ كُلِّ مُفْسِدٍ، اغْرِسُوا فِي أَبنَائِكُمْ حُبَّ الوَطَنِ وَالاعتِزَازَ بِإِنْجَازَاتِهِ الحَاضِرَةِ وَمَجْدِهِ التَّلِيدِ، حَتَّى يُحَقِّقُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَعْنَى المُوَاطَنَةِ الصَّالِحَةِ، فَهُمْ أَمَلُ الوَطَنِ وَبُنَاةُ الغَدِ.

فاللهَ اللهَ في الأوطانِ، اللهَ اللهَ في مصرَ وأهلِهَا، اللهَ اللهَ في قواتِنَا المسلحةِ وشرطتِنَا الساهرةِ على حمايةِ أوطانِنَا، اللهَ اللهَ في كلِّ غيورٍ محبٍّ لوطنهِ، اللهَ اللهَ في التضحيةِ مِن أجلِ الأوطانِ، اللهَ اللهَ في المحافظةِ على مصرِنَا، اللهَ اللهَ على كلِّ مواطنٍ يعملُ لرفعةِ وطنهِ.

حفظَ اللهُ مصرَ قيادة وشعبا من كيدِ الكائدين، وشرِّ الفاسدين وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.

                    كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه

د/ محمد حرز

 إمام بوزارة الأوقاف

 _______________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »